كنت أود أن أسالكم عن فتوى حول المرأة هنا في سويسرا
هذه امرأة تزوجت من رجل سويسري بعد أن أخبرت والديها أنه قد أسلم، ولكنها بعد ذلك وجدت أنه كان يكذب عليها وقد أخبرها أنه مازال مسيحياً فماذا تنصحوننى أن أُرشدها .
المفتي: خالد عبد المنعم الرفاعي
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلاشك أن زواج المسلمة من غير المسلم - مهما كانت ديانته - من الفواحش العظيمة التي نهى الله عنها وهو باطل بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
أما الكتاب: فقال الله تعالى: وَلَا {تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة:221]، قال شيخ المفسرين الإمام أبو جعفر الطبري : إن الله قد حرَّم على المؤمنات أن ينكحن مشركًا كائنًا من كان المشرك، ومن أيّ أصناف الشرك كان، فلا تنكحوهنَّ أيها المؤمنون منهم، فإنّ ذلك حرام عليكم، ولأن تزوجوهن من عبدٍ مؤمن مصدق بالله وبرسوله وبما جاء به من عند الله، خير لكم من أن تزوجوهن من حر مشرك، ولو شرُف نسبه وكرم أصله، وإن أعجبكم حسبه ونسبه"، وقال الإمام القرطبي: أي لا تزوجوا المسلمة من المشرك وأجمعت الأمة على أن المشرك لا يطأ المؤمنة بوجه لما في ذلك من الغضاضة على الإسلام . اهـ
وقال تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:10]فالتكرير في قوله – تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}. بالتأكيد والمبالغة بالحرمة وقطع العلاقة بين المؤمنة والمشرك . وقوله - تعالى –{وآتوهم ما أنفقوا} أمر أن يعطي الزوج الكافر ما أنفق على زوجته إذا أسلمت فلا يجمع عليه خسران الزوجية والمالية.
وقال تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} [النساء:141]. والزوج له ولاية وقوامة على زوجته وهما ممتنعان من الكافر على المسلمة؛ قال ابن قدامة: أما الكافر فلا ولاية له على مسلمةٍ بحال , بإجماع أهل العلم".
أما السنة: فقد استفاضت النصوص أن النبي فرق بين جميع المسلمات وأزواجهم الذين لم يسلموا ومنهم أبنته زينب زوج أبي العاص بن الربيع فلما وقع في الأسرى يوم بدر أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يبعث ابنته إليه، فوفى له بذلك ثم أسلم بعدها فردها عليه. وروى البخاري وغيره عن ابن عباس قال:... إذا هاجرت المرأة من أهل الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت حل لها النكاح وإذا جاء زوجها قبل أن تنكح ردت إليه". وأخرج مال في الموطأ وابن سعد في الطبقات عن ابن شهاب قال لم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله وإلى رسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها"
أما الإجماع: فقد انعقد أجماع العلماء على أن زواج الكافر بالمسلمة باطل لا ينعقد أصلاً؛ لمخالفته صريح القرآن الكريم؛ وقد نقل الإجماع ابن المنذر وأبو عمر بن عبد البر وابن قدامة والشوكاني وغيرهم.
أما المعقول:
- فالمسلمة بحكم كونها زوجة يجب عليها الطاعة للكافر والخضوع له، بل هي عانية عنده – أسيرة – كما في الحديث الصحيح، وهو سيد عليها؛ كما نطق به القرآن الكريم في قوله تعالى {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}. ولا يجوز بحال أن يمكن الكافر من السيادة على المسلمين
- والكافر لا يحترم دينها، بل يذلها في دينها.
- ثم إنه لا يُؤمَن على المرأة - وهي تميل إلى العاطفة أكثر من الرجل - أن تتأثر بزوجها إذا دعاها لدينه، والنساء شقائق الرجال.
- وكما قيل: "المرأة على دين زوجها". ومخالطة ذلك الكافر تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة، وعاقبة ذلك وخيمة وهي جهنم وبئس المهاد.
- وكذلك؛ لا يؤمن على الأولاد أن يتابعوا أباهم على كفره.
قال ابن قدامة في "المغني" - في شرح قول الخرقي: (ولا يزوج كافر مسلمة بحال) -: "أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال، بإجماع أهل العلم، منهم: مالك، والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي. وقال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم".
وبناءً على ما تقدم فإن هذا الزواج باطل وهو محض الزنا، ويجب مفارقة هذا الرجل فورا، وألا تمكنه من نفسها مهما كانت العواقب وإلا وقعت في الزنا عياذا بالله ولو استحلت فعل ذلك عالمة بحرمته، فقد ارتدت عن دين الإسلام وعليها إخبار أهلها بأمره حتى تستعين بهم لتخليصها من هذا الكافر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ للأمانه (منقول)تحياتى ola
من فتاوى زوار موقع طريق الإسلام.